في البداية ، وعند أوائل الصوفية كانوا يحضرون مجلس (السماع) وهو الاجتماع في مكان معين لسماع منشد صاحب صوت حسن مع استعمال الإيقاع الموسيقي ، ينشد قصائد الزهد وترقيق القلوب ، ثم تطوروا إلى إنشاد قصائد الغزل وذكر (ليلى) و (سعدى) ويقولون نحن نقصد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذه القصائد التي تهيج الحب المطلق ، الحب غير المعين ، فكلٌ يأخذه حسب هواه وما يعتلج في قلبه من حب الأوطان أو حب النساء ...
وقد أباح لهم هذا السماع أبو حامد الغزالي وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم ، واحتجوا بأشياء واهية ضعيفة ، وليس هذا موضوع مناقشة حكم الإسلام في الغناء ، فقد رد عليهم العلماء مثل ابن الجوزي وأجاد ابن القيم في مناقضة هذا الموضوع في كتابه (إغاثة اللهفان) ، وتبقى الحقيقة أن الأمة المسلمة أمة جادة ولا يحلل هذا الغناء إلا من لا يفقه الإسلام حق الفقه .
ولم يقتصر الأمر على هذه القصائد بل تطور إلى ذكر الله بالرقص والدف والغناء ، وعندما تقام الحضرة تبدأ التراتيل بذكر اسم الله المفرد (الله) بصوت واحد ، ولكن عندما يشتد الرقص ويلعب الشيطان برؤوسهم يرفعون عقيرتهم أكثر ويتحول اسم الله إلى (هو) ثم لا تسمع بعدها إلا همهمة ، وقد يجتمع مع هذا الصراخ والقفز في الهواء أخلاط الناس من النساء والأولاد لرؤية هذا (التراث الشعبي) ، حقاً إنها مهزلة اتبعوا فيها سنن الذين من قبلنا فقد جاء في مزأمير العهد القديم عن اليهود " ليبتهج بنو صهيون بملكهم ، ليسبحوا اسمه برقص ، بدف وعود ، سبحوه برباب ، سبحوه بصنوج الهتاف " .
جاء في (ترتيب المدارك) للقاضي عياض: " قال التنيسي: كنا عند مالك بن أنس وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين: عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ، ثم يقومون فيرقصون. فقال مالك: أصبيان هم ؟ فقال: لا . قال: أمجانين هم ؟ قال: لا هم مشايخ وعقلاء . قال: ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا " .
وقد يكون من أسباب فعلتهم هذه هو أن النفس ترى أن تغطي شهواتها باسم الدين والذكر والحضرة . ولو كشفت بصراحة عن نوازعها لكان الخطب أهون ، لأنها عندئذ تبقى في دائرة المعصية وهي أقل خطراً من البدعة . والله سبحانه وتعالى وصف الذاكرين له باطمئنان قلوبهم وخشوعهم وإخباتهم ، وقد كان السلف إذا سمعوا القرآن خافوا وبكوا واقشعرت جلودهم ، وهذا عكس الرقص والطرب ، ولم يأمر الله سبحانه حين أمر الناس بالعبادة – أن يأكلوا أكل البهائم ثم يقوموا للرقص ، بل هذا الرقص الذي يسمونه (ذكراً) وما يرافقه من منكرات مستقبح ديناً وعقلاً و هو وصمة عار أن يكون في المسلمين من يفعل هذا ، وصدق قول الشاعر فيهم:
ألا قل قول عبد نصـــــــوح
وحـــق النــصــيـحـة أن تسـتمع
متى علم النــــاس في دينـنـا
بــأن الـغــنـــا ســنــة تـتـبــــــــع
وأن يأكل المـرء أكل الحمار
ويــرقص في الجــمـع حتى يقــع
وقالوا: سكـرنــا بحب الإله
ومــــا أسكر الـــقوم إلا القـــصــع
ويسكـــره النــاي ثم الغنــا
و (يسن) لو تليت ما انصدع
الصوفية نشأتها وتطورها لمحمد العبدة، وطارق عبد الحليم
وقد أباح لهم هذا السماع أبو حامد الغزالي وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم ، واحتجوا بأشياء واهية ضعيفة ، وليس هذا موضوع مناقشة حكم الإسلام في الغناء ، فقد رد عليهم العلماء مثل ابن الجوزي وأجاد ابن القيم في مناقضة هذا الموضوع في كتابه (إغاثة اللهفان) ، وتبقى الحقيقة أن الأمة المسلمة أمة جادة ولا يحلل هذا الغناء إلا من لا يفقه الإسلام حق الفقه .
ولم يقتصر الأمر على هذه القصائد بل تطور إلى ذكر الله بالرقص والدف والغناء ، وعندما تقام الحضرة تبدأ التراتيل بذكر اسم الله المفرد (الله) بصوت واحد ، ولكن عندما يشتد الرقص ويلعب الشيطان برؤوسهم يرفعون عقيرتهم أكثر ويتحول اسم الله إلى (هو) ثم لا تسمع بعدها إلا همهمة ، وقد يجتمع مع هذا الصراخ والقفز في الهواء أخلاط الناس من النساء والأولاد لرؤية هذا (التراث الشعبي) ، حقاً إنها مهزلة اتبعوا فيها سنن الذين من قبلنا فقد جاء في مزأمير العهد القديم عن اليهود " ليبتهج بنو صهيون بملكهم ، ليسبحوا اسمه برقص ، بدف وعود ، سبحوه برباب ، سبحوه بصنوج الهتاف " .
جاء في (ترتيب المدارك) للقاضي عياض: " قال التنيسي: كنا عند مالك بن أنس وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين: عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ، ثم يقومون فيرقصون. فقال مالك: أصبيان هم ؟ فقال: لا . قال: أمجانين هم ؟ قال: لا هم مشايخ وعقلاء . قال: ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا " .
وقد يكون من أسباب فعلتهم هذه هو أن النفس ترى أن تغطي شهواتها باسم الدين والذكر والحضرة . ولو كشفت بصراحة عن نوازعها لكان الخطب أهون ، لأنها عندئذ تبقى في دائرة المعصية وهي أقل خطراً من البدعة . والله سبحانه وتعالى وصف الذاكرين له باطمئنان قلوبهم وخشوعهم وإخباتهم ، وقد كان السلف إذا سمعوا القرآن خافوا وبكوا واقشعرت جلودهم ، وهذا عكس الرقص والطرب ، ولم يأمر الله سبحانه حين أمر الناس بالعبادة – أن يأكلوا أكل البهائم ثم يقوموا للرقص ، بل هذا الرقص الذي يسمونه (ذكراً) وما يرافقه من منكرات مستقبح ديناً وعقلاً و هو وصمة عار أن يكون في المسلمين من يفعل هذا ، وصدق قول الشاعر فيهم:
ألا قل قول عبد نصـــــــوح
وحـــق النــصــيـحـة أن تسـتمع
متى علم النــــاس في دينـنـا
بــأن الـغــنـــا ســنــة تـتـبــــــــع
وأن يأكل المـرء أكل الحمار
ويــرقص في الجــمـع حتى يقــع
وقالوا: سكـرنــا بحب الإله
ومــــا أسكر الـــقوم إلا القـــصــع
ويسكـــره النــاي ثم الغنــا
و (يسن) لو تليت ما انصدع
الصوفية نشأتها وتطورها لمحمد العبدة، وطارق عبد الحليم