كان أوائل الصوفية أصحاب مجاهدات وعبادات ، صادقين مع أنفسهم وإن كانت بعض أعمالهم فيها تعمق وتشدد ومخالفة للسنة ما سبق أن قررنا ، ثم ظهر بعد ذلك أجيال بنوا التكايا والزوايا وهي دكاكين للبطالة والطبل ، مستريحين من كدّ المعاش ، متشاغلين بالأكل والشرب والغناء والرقص ، يطلبون الدنيا من كل ظالم ، وأين جوع (بشر) وورع (السري) وأين جد (الجنيد ، مع أن بناء الربطة والتكايا ولو لتعبد والإنفراد هو بدعة في حد ذاته لأن بناء أهل الإسلام المساجد ، وبناء التكايا فيه تشبه بالنصارى لإنفراده بالأديرة . وقد قيل لبعض الصوفية أتبيع جبتك ؟ قال: إذا باع الصياد شبكته فبأي شيء يصطاد وقد استغرب الإمام محمد بن الحسن الشيباني من أكلهم الطعام عند الناس لا يسألون عن حلال أو حرام . ونسو أو تناسوا أن الإسلام يأبى الركون إلى الكسل والبطالة ، وأن الزهد هو ترك ما في أيدي الناس والاستغناء عنه تنزهاً ، وليس الحصول على ما في أيدي الناس تنطعاً ، وقد نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السؤال وأمر بالاكتساب والعمل فقال: ((لأن يحتزم أحدكم حزمة من حطب على ظهره فيبيعها خير من أن يسأل رجلاً فيعطيه ؟ أو يمنعه) ، وقال صلى الله عليه وسلم ((اليد العليا خير من اليد السفلى)) .
وكان سعيد بن المسيب يتجر بالزيت وكان أبو حنيفة يتجر بالقماش ... هكذا كان كبار العلماء والزهاد يعملون بأيديهم ويتحرون الكسب الحلال .
وكان الأوائل يمتنعون عن الزواج تشدداً وتعمقاً ثم تطور الأمر بالمتأخرين من الصوفية إلى مؤاخاة النساء وإعطاء الطريقة للمريد ، وحفلات الذكر المختلطة ، مما يشعر بدنوهم من مذهب الإباحية عند الباطنية لأن نظرية وحدة الوجود – التي استفحلت عند متأخري الصوفية – تشجع على الإباحية " لأن الثواب والعقاب يصبح من المشكلات فمن الذي يثيبنا حين نحسن ؟ ومن الذي يعاقبنا حين نسيء ؟ إذا كان الإنسان جزأ من الله، إنها خطر على عالم الأخلاق ، بل تأتي على قواعده من الأساس ، ولذلك عاش بعض الصوفية عيشة التفكك والانحلال ، وقد كان لابن الفارض وهو من شيوخ وحدة الوجود ، كان له مغنيات بالقرب من قرية (البهنسا) يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشابة وهو يرقص ويتواجد .
لم يرض عن هذا التطور بعض الصوفية المعتدلون كالشيخ أبي سعيد الأعرابي الذي يقول في كتابه (طبقات النساك) : " إن آخر من تكلم في هذا العلم الجنيد وأنه ما بقي بعد إلا من يستحي من ذكره " ، كما حكى عن سهل التستري قوله: " بعد سنة ثلاثمائة لا يحل أن يتكلم بعلمنا هذا لأنه يحدث قوم يتصنعون للخلق ولكن الصوفية استمرت في تدهورها وأصبحت اكتساباً وتملقاً ، ولبسوا جلود الضأن وحملوا قلوب الذئاب .
الصوفية نشأتها وتطورها لمحمد العبدة، وطارق عبد الحليم
وكان سعيد بن المسيب يتجر بالزيت وكان أبو حنيفة يتجر بالقماش ... هكذا كان كبار العلماء والزهاد يعملون بأيديهم ويتحرون الكسب الحلال .
وكان الأوائل يمتنعون عن الزواج تشدداً وتعمقاً ثم تطور الأمر بالمتأخرين من الصوفية إلى مؤاخاة النساء وإعطاء الطريقة للمريد ، وحفلات الذكر المختلطة ، مما يشعر بدنوهم من مذهب الإباحية عند الباطنية لأن نظرية وحدة الوجود – التي استفحلت عند متأخري الصوفية – تشجع على الإباحية " لأن الثواب والعقاب يصبح من المشكلات فمن الذي يثيبنا حين نحسن ؟ ومن الذي يعاقبنا حين نسيء ؟ إذا كان الإنسان جزأ من الله، إنها خطر على عالم الأخلاق ، بل تأتي على قواعده من الأساس ، ولذلك عاش بعض الصوفية عيشة التفكك والانحلال ، وقد كان لابن الفارض وهو من شيوخ وحدة الوجود ، كان له مغنيات بالقرب من قرية (البهنسا) يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشابة وهو يرقص ويتواجد .
لم يرض عن هذا التطور بعض الصوفية المعتدلون كالشيخ أبي سعيد الأعرابي الذي يقول في كتابه (طبقات النساك) : " إن آخر من تكلم في هذا العلم الجنيد وأنه ما بقي بعد إلا من يستحي من ذكره " ، كما حكى عن سهل التستري قوله: " بعد سنة ثلاثمائة لا يحل أن يتكلم بعلمنا هذا لأنه يحدث قوم يتصنعون للخلق ولكن الصوفية استمرت في تدهورها وأصبحت اكتساباً وتملقاً ، ولبسوا جلود الضأن وحملوا قلوب الذئاب .
الصوفية نشأتها وتطورها لمحمد العبدة، وطارق عبد الحليم