التصوف كله قائم على قصتين
الأولى : قصة الخضر مع سيدنا موسى عليه السلام
الثانية : قصة الذي عنده علم من الكتاب في قصة سيدنا سليمان عليه السلام


أما الخضر فيزعم الصوفية حياته حتى يومنا هذا وأنهم يلتقونه ويأخذون عنه .
وحياة الخضر ليومنا هذا لا دليل عليها لا من القرآن الكريم ولا من السنة المطهرة .
والسؤال : هل الخضر من بني آدم أم من الملائكة أم من الجن ؟ فإن كان من الملائكة أو من الجن فلا قياس عليه أما إن كان من بني آدم وأنه ما زال حياً فذلك يعني أنه تجاوز الخمسة آلاف سنة من العمر والله تعالى يقول لنبيه الكريم : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } وقال تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ } - وإن سلمنا بأن الخضر قد عاش فترة النبي صلى الله عليه وسلم فذلك يعني أنه من أتباعه صلى الله عليه وسلم فعن جابر أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقال : يا رسول الله ، إني أصبت كتابا حسنا من بعض أهل الكتاب ، قال : فغضب وقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ، فوالذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده ، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني .ومع تحفظنا على أن الخضر لم يلتق النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته ولم يلتق أحداً من الصحابة الكرام أو بنبي من الأنبياء من لدن موسى عليه السلام وحتى رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه - فهل الصوفية هم وحدهم الذين حازوا الخضر إلى رحالهم ؟ .
يقول صلى الله عليه وسلم : (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك )
قال عليه الصلاة والسلام: (أرأيتكم ليلتكم هذه ليس على ظهر الأرض أحد ممن هو عليها اليوم بعد مائة عام)، أي: بدءاً من هذه الليلة جميع الموجودين على الكرة الأرضية بعد مائة عام لا يكون أحد منهم حي. وفي اللفظ الآخر: (ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي على ظهر الأرض حية يومئذٍ). ، وبدلالة هذا الحديث هو ميت لا محالة بعد مائة عام .
وهنا نُذَّكِر بوجه الشبه بين الصوفية والشيعة فالشيعة ينتظرون الإمام الغائب منذ ألف ومئاتي عام ليخرج من سرداب سامراء .


وحتى لا يأتي لنا المتصوفة بحيلة أخرى وهي حياة الصالحين داخل قبورهم نذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ما من أحد يسلم على إلا رد الله على روحى حتى أرد عليه السلام ) وذلك يعني أن رده صلى الله عليه وسلم للسلام مرتبط بقوله ( رد الله علي روحي ) أي أنه لا يستطيع رد السلام إلا من بعد أن يرد الله عليه روحه .
قال تعالى : {أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} – هذا نبي من الأنبياء لم يدرك أنه قد مر عليه مائة عام وهو في عِداد الأموات بل ظن أنه لبث يوما أو بعض يوم في الوقت الذي يدّعي فيه شيوخ الصوفية سماعهم للمستغيثين بهم وهم في قبورهم بل ويخرجون من قبورهم ليقضوا حوائج الناس .قال تعالى : {وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ} وقال أيضاً { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }.


القصة الثانية : وهي قصة الذي عنده علم من الكتاب
يقول تعالى : (قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) .
قيل أنه آصف بن برخيا كاتب سليمان عليه السلام. وكان صديقاً يعلم الاسم الأعظم وقيل اسمه أسطوم ، وقيل اسمه بليخا، وقيل هو رجل من الإنس يقال له ذو النور.
ونحن لا ننكر ذلك ، لكن المشكلة أن الصوفية جعلوا من أنفسهم نسخة طبق الأصل من الخضر ومن الذي عنده علم من الكتاب . فلو كان الأمر هكذا لأنتفت كلمة ( معجزة ) وأصبح الأمر عادياً .


وهنا نسأل سؤالاً : لو أن امرأة ( حبلت ) من غير زوج ثم زعمت أنها لم تزن بل أتاها جبريل ونفخ فيها من روحه مع العلم أن الأمر قد حدث لمريم عليها السلام فما المانع أن يحدث لغيرها – ماذا يقول المتصوفة في ذلك ؟ فإن قالوا نعم ، فُتح الباب على مصراعيه للمومسات والعاهرات وعُطلت الحدود ، وإن نفوا ذلك سقط مذهبهم جملة .
فكما أن الأمر مُعجزةً وحصراً على مريم قس على ذلك بقية المعجزات كضرب موسى عليه السلام للبحر بعصاه و إلى آخره من معجزات الأنبياء .


فلو أن رجلاً قتل صبياً أو هدم جداراً أو خرق سفينةً ثم ادعى أنه الخضر هل نصدقه ؟ هذا باب إذا فُتح دخل منه كل دجال ونصاب .


إن الله سبحانه وتعالى إختص بعض عباده بأشياء دون غيرهم ، فسخر الجن لسليمان وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى وتحرك وأومأ بيده كأنه أمسك بشيئ وهو في صلاة وإمام للصحابه فقالوا له بعد الصلاه يارسول الله رأيناك فعلت كذا فقال لقد تفلت علي شيطان وأنا في الصلاه يرميني بشهاب من نار فامسكت به وإن برد ريقه لعلى يدي فهممت ان أربطه في سارية المسجد ليلعب به الصبيان فتذكرت دعوة أخي سليمان رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فتركتهوهذا دليل على أن الأمر لسليمان دون غيره ، لكن الصوفية يدّعون أنهم يمتلكون الجن أيضاً .


قال الله تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ} فادّعي الشيخ الرفاعي أنه يعلم لغات الطيور وزاد عليها لغة الأشجار .


نريد أن نسأل الصوفية السؤال التالي :
كيف علم الصوفية أن شيوخهم هؤلاء من الأولياء الصالحين وما دليلهم ؟ (قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ )
اخرج الامام احمد عن ام العلاء الانصارية ( قالت لما اشتكى عثمان بن مظعون عندنا فمرضاه حتى مات فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ( رحمة الله عليك يا أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله ( وما يدريك أن الله اكرمه أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ) فقالت والله لا أزكي احدا بعده أبدا ) ومن علم ذلك وعرف قدر نفسه خاف منها وابتعد عن تزكية نفسه وتزكية الناس او يقيده بقوله نحسبه كذلك والله حسيبه .
فأولياء الله يعلمهم الله وحده
فقد يكون الرجل منافقاً ويحسبه الناس من الأولياء واقرأ إن شئت قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }


لكن الصوفية يقولون أن فلاناً من الأولياء وهذا أمر خطير جداً
عن عبدالله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما..) إلى أن قال (فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) وهذا عمر الفاروق كان يخشى النفاق على نفسه .


و السؤال : من هم المقصودون بقوله تعالى {أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}
الإجابة : في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ ) فكل من يُحقق الإيمان والتقوى هو من أولياء الله تعالى والله أعلم .


اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا إجتنابه

هذا والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه