يعتبر السرهندي من أكابر رجال الطريقة النقشبندية ، حتى إن بعضهم قد نسب الطريقة في إحدى مراحلها إليه فسميت بالطريقة الفاروقية ، وهو عند الصوفية مجدد الألفية الأولى.
وسوف نُعَرّف بهذا الرجل من أقواله ومكتوباته الموثقة ، ليظهر لنا مدى غلو وانحراف الصوفية عن الشرع والعلم ، فأقول والله يغفر لي ولجميع المسلمين.
يقول السرهندي عن نفسه: ((إن معتقد الفقير ـ يقصد نفسه ـ من الصِغر كان مشرب أهل التوحيد الوجودي يعني توحيد الوجود وكان والد الفقير قدس سره في ذلك المشرب بحسب الظاهر ، وكان مشغولاً بهذا الطريق على سبيل الدوام مع وجود حصول التوجه التام بحسب الباطن إلى مرتبة اللاكيفية ، وبحكم ابن الفقيه نصف الفقيه، كان للفقير أيضاً حظ وافر من هذا المشرب بحسب العلم ، وحصلت لي منه لذة عظيمة إلى أن أوصلني الله بمحض كرمه إلى جناب حضرة معدن الإرشاد مظهر الحقائق والمعارف مؤيد الدين الرضي شيخنا ومولانا وقبلتنا محمد الباقي قدسنا الله بسره ، فَعَلَّم الفقيرَ الطريقة النقشبندية ، وبذلَ التوجهَ البليغ في حق هذا المسكين فانكشف التوحيد الوجودي في مدة يسيرة بعد ممارسة هذه الطريقة العليه ..... ولاحت دقائق علوم الشيخ محي الدين بن عربي ومعارفه ، وشُرفتُ بالتجلي الذاتي الذي بينه صاحب الفصوص ، واعتقد أنه نهاية العروج ، وقال في حقه: وما بعد هذا إلا العدم المحض))
(مكتوبات السرهندي: الصفحة: 41 ، المكتوب: 31). دار الكتب العلمية.
قلت: ثم إن السرهندي أظهر في آخر المكتوب تراجعه عن القول بوحدة الوجود.
وقال السرهندي: ((قد مضت مدة من استفسار الأصحاب عن أحوال الخضر على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، ولما لم يكن للفقير اطلاع على أحواله كما ينبغي ، كنت متوقفاً في الجواب ، فرأيت اليوم في حلقة الصبح أن إلياس والخضر عليهما السلام ، حضرا في صورة الروحانيين ، فقال الخضر بالإلقاء الروحاني: نحن من عالم الأرواح ، قد أعطى الحق سبحانه أرواحنا قدرة كاملة بحيث تتشكل وتتمثل بصور الأجسام ويصدر عنها ما يصدر عن الأجسام من الحركات والسكنات الجسمانية ، والطاعات والعبادات الجسدية ، فقلت له في تلك الأثناء: أنتم تصلون الصلاة بمذهب الإمام الشافعي. فقال: نحن لسنا مكلفين بالشرائع ، ولكن لما كانت كفاية مهمات قطب المدار مربوطة بنا ، وهو على مذهب الإمام الشافعي ، نصلي نحن أيضاً وراءه بمذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه. فعلم في ذلك الوقت أنه لا يترتب الجزاء على طاعتهم ، بل تصدر عنهم الطاعة والعبادة موافقة لأهل الطاعة ، ومراعاة لصورة العبادة ، وعلم أيضاً أن كمالات الولاية موافقة لفقه الشافعي ، وكمالات النبوة ، موافقة للفقه الحنفي ، فعلم في ذلك الوقت حقيقة كلام الخواجة محمد بارسا قدس سره ، حيث ذكر في الفصول الستة ، نقلاً أن عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، يعمل بعد نزوله بمذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ، فوقع في الخاطر في ذلك الوقت أن نستمد بهما ، وأن نطلب منهما الدعاء)).
( مكتوبات السرهندي: الصفحة 305 ، المكتوب 282). دار الكتب العلمية.
ويقول السرهندي: ((واعلم أن جميع من في العالم من كفار الإفرنج والزنادقة والملاحدة أفضل مني بوجوه ، وشر الجميع أنا)).
(مكتوبات السرهندي الصفحة 17 المكتوب 11). دار الكتب العلمية.
ويقول السرهندي بعد النقل السابق: ((ولما وصلت إلى المقام الذي فوق المقام السابق ، بعد التوجه بالإنكسار وإظهار الافتقار ، تبين لي أنه مقام حضرة ذي النورين رضي الله عنه ، وللخلفاء الباقين عبور من ذلك المقام ، وهذا المقام مقام التكميل والإرشاد أيضاً في هذه المرتبة ، وكذلك المقامان اللذان يذكران بعد ، ثم وقع النظر على مقام فوقه ، ولما وصلت إليه تبين لي أنه مقام حضرة الفاروق رضي الله عنه ، وللخلفاء الباقين عبور من ذلك المقام ، ثم ظهر فوقه مقام الصديق الأكبر رضي الله عنه ، ووصلت إليه أيضاً ، ووجدت الخواجة بهاء الدين النقشبند قدس سره رفيقاً لي من بين المشايخ في جميع المقامات ، ولسائر الخلفاء عبور من هذا المقام ، لا تفاوت إلا في العبور والمقام والمرور والثبات ، ولا يرى فوقه مقام أصلاً إلا مقام خاتم النبيين والمرسلين عليه من الصلوات أكملها ومن التحيات أتمها)).
(مكتوبات السرهندي الصفحة 17 المكتوب 11). دار الكتب العلمية.
[/b]